للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل [في الغنى العالي وتفسير كلام الهروي في درجاته]

وأمَّا (١) الغنى العالي فقال شيخ الإسلام (٢):

"هو على ثلاث درجات: الدرجة الأولى: غنى القلب، وهو سلامته من السبب، ومسالمتُه للحكم، وخلاصُه من الخصومة. والدرجة الثانية: غنى النفس، وهو استقامتها على المرغوب، وسلامتُها من المسخوط (٣)، وبراءتها من المراياة (٤). والدرجة الثالثة: الغنى بالحقِّ، وهو ثلاث مراتب: الأولى: شهود ذكره إيَّاك، والثانية: دوام مطالعة أوليته، والثالثة: الفوز بوجوده" (٥).

قلتُ: ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس" (٦). ومتى استغنت النفس استغنى القلب. ولكن الشيخ قسَّم الغنى إلى هذه الدرجات بحسب متعلَّقه فقال: "غنى


(١) "ط": "أما"، واستدركت الواو في القطرية.
(٢) يعني صاحب "منازل السائرين".
(٣) "ط": "الحظوظ". ولعلَّه تغيير من الناشر اعتمادًا على مدارج السالكين، ولو تروَّى قليلًا لوجد المؤلف يفسر قول الهروي فيما يأتي حسب ما نقله هنا من نسخة المنازل.
(٤) في "ط": "المراءاة". والذي في الأصل وغيره بالياء على القلب، لغة في المراءاة. انظر: اللسان (رأي ١٤/ ٢٩٦).
(٥) منازل السائرين (٥٧)، وقارن النص وتفسيره في مدارج السالكين (٢/ ٥٠٧ - ٥٠٣).
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق (٦٤٤٦)، ومسلم في الزكاة (١٠٥١) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.