للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمن (١) في الدنيا يسلَّط عليه من الابتلاء والامتحان والمصائب ما يكون فداءَه من عذاب اللَّه، وقد تكون تلك الأسباب فداءً له من شرورِ أكبر (٢) منها في العالم أيضًا. فَلْيُعطِ اللبيبُ هذا الموضع حقَّه من التدبر يتبين له حكمةُ اللطيف الخبير.

فصل

وقد تقرَّر أنَّ اللَّه سبحانه كامل الصفات، له الأسماء الحسنى، ولا يكون عن الكامل في ذاته وصفاته إلا الفعل المحكم. وهو سبحانه خلقَ عبادَه على الفطرة، وكل مولود فإنّما يولد على الفطرة التي فُطِرَ الخلائق عليها، ولكنَّ الآباء والكافلين للمولودين يخرجونهم عن الفطرة (٣)، ويَعدِلون بهم عنها، ولو تركوهم لما اختاروا عليها غيرَها، ولكن أخرجوهم عن سَنَنِ الحنيفية وأفسدوا فِطَرهم وقلوبهم. وهكذا بالأضداد والأغيار يخرُج بعض المخلوقات عن سَنَن الإتقان والحكمة، ولولا تلك الأضداد والأغيار لكانت في مرتبتها كالمولود في فطرته، ولذلك أمثلة:

المثال الأوَّل: أنَّ الماءَ خلقه اللَّه في الأصل (٤) طاهرًا مطهِّرًا، فلو تُرِكَ على حالته التي خُلِقَ عليها ولم يخالطه ما يزيلُ طهارته لم يكن إلا


= شاهد في صحيح مسلم (٢٧٦٧) من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه. وانظر المسند (١٩٤٨٥)، تعليق المحقق (٣٢/ ٢٣٠).
(١) "ف": "يكون المؤمن"، خلاف الأصل.
(٢) "ب، ك، ط": "أكثر".
(٣) "التي فطر. . . " إلى هنا ساقط من "ب، ط" لانتقال النظر.
(٤) "في الأصل" ساقط من "ك، ط".