للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاهرًا، ولكن بمخالطته (١) أضدادَه من الأنجاس والأقذار تغيرت أوصافه، وخرج عن الخلقة التي خلق عليها. فكانت تلك النجاسات والقاذورات بمنزلة (٢) أبوي الطفل وكافليه الذين يهودونه وينصرونه ويمجسونه ويشرِّكونه (٣). وكما أنَّ الماءَ إذا فسدَ بمخالطته (٤) الأنجاس والقاذورات لم يصلح للطهارة، فكذلك القلوب إذا فسدت فِطَرُها بالأغيار لم تصلح لحظيرة القدس.

المثال الثاني: الشرابُ المعتصَرُ من العنب، فإنَّه طيِّب يصلح للدواءِ ولإصلاح الغذاءِ وللمنافع (٥) التي يصلح لها. ولو (٦) خُلِّيَ على حاله لم يكن إلا طاهرًا طيِّبًا، ولكن أفسد بتهيئته للسكر واتخاذه مسكرًا، فخرج بذلك عن خلقته التي خُلِقَ عليها من الطهارة والطيب، فصارَ أخبثَ شيءٍ وأنجسه. فلو انقلبَ خلًّا، أو زالَ تغيُّر الماءِ، كان بمنزلة رجوع الكافر إلى فطرته الأولى، فإنَّ الحكمَ إذا ثبتَ لعلَّة زال بزوالها (٧).

المثال الثالث: الأغذية الطيبة النافعة إذا خالطت باطنَ الحيوانِ واستقرَّت هناك خرجت عن حالتها التي خُلِقَتْ عليها، واكتسبَتْ بهذه المخالطة والمجاورةِ خبثًا وفسادًا لم يكن فيها، لسلوكها في غير


(١) "ب، ك، ط": "بمخالطة".
(٢) "ب، ك، ط": "بمعنى".
(٣) الأفعال الأربعة في "ب" بالتثنية: "يهودانه. . . " لضبط "كافلَيه" فيها بالتثنية!
(٤) "ك": "بمخالطة".
(٥) "ك، ط": "والمنافع".
(٦) "ب، ك، ط": "فلو".
(٧) في "ك، ط" زيادة "واللَّه أعلم".