للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرقها (١) التي بها كمالها.

ولمَّا أنزلَ اللَّهُ سبحانه الماءَ طاهرًا نافعًا، فمازج الأرضَ، وسالت به أوديتها، أوجدَ -جل جلالُه- بينهما بسبب هذه (٢) المخالطة والممازجة أنواعَ الثمارِ والفواكه (٣) والزروع والنخيل والزيتون وسائر الأغذية والأقوات، وأوجدَ (٤) مع ذلك المُرَّ والشوكَ والحنظلَ وغيرَ ذلك. واللقاح واحد، ولكن الأم مختلفة. قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)} [الرعد/ ٤].

ثمَّ إنَّه سبحانه يُصرف ما أخرجه من هذا الماءِ، ويُقلِّبه، ويحيل بعضَه إلى بعض، وينقل بعضه بالمخالطة والمجاورة عن طبيعته إلى طبيعة أخرى. وهذا كما خلق كلَّ دابَّةٍ من ماءٍ، ثمَّ خالفَ بين صورها وقواها ومنافعها وأوصافها وما تصلح له (٥)، وأمشى بعضها (٦) على بطنه، وبعضها على رجلين، وبعضها على أربع؛ حكمة بالغة، وقدرة باهرة.

وكذلك سبحانه يقلِّب الليل والتهار، ويقلِّب ما يوجد فيهما، ويقلِّب أحوال العالم كما يشاء، ويسلك بذلك كلَّه (٧) مسلك الحكمة البالغة التي


(١) "ف": "طريقها"، خلاف الأصل.
(٢) "هذه" ساقط من "ب".
(٣) "والفواكه" ساقط من "ب".
(٤) "ف": "وإن وُجِدَ" خلاف الأصل.
(٥) "ك، ط": "وما يَصلح لها".
(٦) "ك، ط": "بعضًا" في هذه الجملة وما يليها.
(٧) "كله" ساقط من "ك، ب، ط".