للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخريته، والآخِر في أوليته، والظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره، لم يزل أوَّلًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.

والتعبد بهذه الأسماء له (١) رتبتان:

الرتبة الأولى: أن يَشهدَ (٢) الأوليةَ منه تعالى في كل شيء، والآخريةَ بعد كل شيء، والعلوَّ والفوقية فوق كل شيء، والقربَ والدنوَّ دون كل شيء. فالمخلوق يحجبه مثلُه عمَّا هو دونه، فيصير الحاجب بينه وبين المحجوب؛ والربُّ جلَّ جلاله ليس دونه شيء هو (٣) أقرب إلى الخلق منه.

والمرتبة الثانية من التعبد: أن يعامل كلَّ اسم بمقتضاه، فيعامل سبقه تعالى بأوليته لكل شيء، وسَبْقَه بفضله وإحسانه الأسبابَ كلَّها، بما يقتضيه ذلك من إفراده، وعدم الالتفات إلى غيره، والوثوق بسواه والتوكل على غيره. فمن (٤) الذي شفع لك في الأزل حيث لم تكن شيئًا مذكورًا حتَّى سمَّاك باسم الإسلام، ووسمك بسمة الإيمان، وجعلك من أهل قبضة اليمين، وأقطعك في ذلك الغيب عِمالاتِ (٥) المؤمنين، فعصمك عن العبادة للعبيد، وأعتقك عن (٦) التزام الرق لمن له شكل ونديد؟ ثمَّ وَجِّه وجهةَ قلبِك إليه تبارك وتعالى دون ما سواه.


(١) "له" ساقط من "ط".
(٢) "ك، ط": "تشهد".
(٣) "هو" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ك، ط": "من ذا".
(٥) أقطع فلانًا أرضًا: أعطاه إياها تمليكًا أو للانتفاع بها. والعمالة: أجرة العامل، والإمارة والولاية.
(٦) "ك، ط": "مِن".