للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصدرُها النفس والهوى، وغايتُها نيل حظّ (١) المريد من محبوبه، وإن كان المحبوب يريد ذلك لكن غيره أحبّ إليه منه، وهو أن يكون مراده محضَ حقِّ محبوبه وحصول مرضاته، فانيًا عن حظّه هو من محبوبه (٢)، بل قد صار حظّه منه نفس حقّه ومراده. فهذه هي الإرادة والمحبّة التي لا علَّة فيها ولا نقص. نسأل اللَّه تعالى أن يمنّ علينا، ويُحيِيَنا، ولو بنفَسٍ منها، كما منَّ بعلمها (٣) ومعرفتها، إنَّه جوادٌ كريم.

الوجه الثاني عشر: أنَّه قال بعد هذا: "فصحّة الإرادة بذل الوسع واستفراغ الطاقة مع ترك الاختيار والسكون إلى مجاري الأقدار، فيكون كالميِّت بين يدي الغاسل، يقلِّبه كيف يشاء" (٤). فأين هذا من قوله: "وذلك في طريق الخواص نقص وتفرق"؟

وهل يكون بذل الوسع واستفراغ الطاقة إلا مع تمام الإرادة؟

وإنَّما الذي يعرض (٥) له النقص من الإرادة نوعان: أحدهما: إرادةٌ مصدرها طلب الحظّ، والثاني: اختياره فيما يفعل به بغير اختياره. فعن هاتين الإرادتين ينبغي الفناء، وفيهما يكون النقص. والكمال (٦) ترك الاختيار فيهما، والسكون إلى مراد المحبوب وحقّه في الأولى، وإلى مجاري أقداره وحكمِه في الثانية. فيكون في الأولى حيًّا فعَّالًا منازعًا


(١) "ب": "حظوظ".
(٢) "وإن كان المحبوب يريد. . . " إلى هنا ساقط من "ب".
(٣) "ب، ك، ط": "بتعليمها".
(٤) محاسن المجالس (٧٧).
(٥) "ط": "يفرض"، تحريف، وكذا كان في "ك"، فعدَّل بعضهم في متنها.
(٦) "ب، ك، ط": "فالكمال".