للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقصودُ أنَّ الطريقَ إلى اللَّه واحد، فإنَّه هو (١) الحقُّ المبين، والحق واحد، مرجعه إلى واحد، وأمَّا الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل (٢)، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل. فالباطل متعدِّد، وطرقه متعددة.

وأمَّا ما يقع في كلام بعض العلماءِ أنَّ الطرق (٣) إلى اللَّهِ متعددة متنوعة، جعلها اللَّه كذلك لتنوع الاستعدادت واختلافها، رحمةً منه وفضلًا فهو صحيح لا ينافي ما ذكرناه من وحدة الطريق.

وكشف ذلك وإيضاحه أنَّ الطريقَ (٤) واحدة جامعة لكلِّ ما يرضي اللَّه. وما يرضيه سبحانه متعدِّدٌ متنوعٌ، فجميعُ ما يُرضيه طريق واحد، ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، فكلُّها (٥) طرُق مرضاته. فهذه هي (٦) التي جعلها اللَّه سبحانه برحمته (٧) وحكمته كثيرةً متنوعةً جدًّا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم. ولو جعلها نوعًا واحدًا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوَّة الاستعدادت وضعفها لم يسلكها إلا واحدٌ بعد واحدٍ. ولكن لمَّا اختلفت الاستعدادت تنوعت الطرق ليسلك كلّ امرئٍ إلى ربِّه طريقًا يقتضيها استعدادُه وقوتُه وقبولُه.


(١) "هو" ساقط من "ك، ب، ط".
(٢) "باطل" ساقط من "ف".
(٣) "ب، ك، ط": "الطريق".
(٤) "ب، ك، ط": "الطريق هي".
(٥) "ب، ك، ط": "وكلها".
(٦) "هي" ساقط من "ط".
(٧) "ط": "لرحمته".