للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غايته. فإذا أخذت الشمس في الجانب الغربيّ انبسط بعد انقباضه شيئًا فشيئًا حتَّى يصير كهيئته عند طلوعها. ولهذا كان الزوال يعرف بانتهاء الظلّ في قصره، فإذا أخذ في الزيادة بعد تناهي القِصَر (١) فقد تحقَّق الزوال. ولو شاءَ اللَّه سبحانه لجعله ساكنًا دائمًا على حالة واحدة فلا يتحرَّك بالزيادة والنقصان، فالظلّ أحد الأدلّة الدالّة على الخالق سبحانه وتعالى.

وأمَّا دلالة هذه الآية على الرجاء فيحتاج إلى إشارة وتكلّف غير مقصود بها. وآيات الرجاءِ في القرآن أكثر وأظهر وأصرح في المقصود ظاهرةً (٢) واستنباطًا. فالظاهرة كقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف/ ١١٠] وقوله: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} [الإسراء/ ٥٧] وقوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} [العنكبوت/ ٥]. والمستنبطة كآيات البشارة كلّها كقوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة/ ٢٢٣]. {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)} [البقرة/ ١٥٥] {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر/ ١٧ - ١٨]، {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشورى/ ٢٣].

فصل [شكرهم]

قال: "وشكرُهم: سرورُهم بموجودهم، واستبشارهم بلقائه. {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} [التوبة/ ١١١] " (٣).

وهذا أيضًا من النمط المتقدِّم. وشكر القوم هو عملُهم بطاعة اللَّه،


(١) "ك": "قصره القصر"، "ط": "قصره".
(٢) "ب": "ظهورًا". وما ورد في الأصل وغيره صحيح.
(٣) محاسن المجالس (٩٦).