للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَكْرى، {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان/ ٤٥] " (١).

وهذا أيضًا من ذلك النمط، ورجاءُ الأنبياء والرسل فمن دونهم إنَّما هو طمعهم في رحمته ومغفرته. وانظر إلى دعوى هؤلاء، وإلى قول إمام الحنفاء (٢) خليل الرحمن -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)} [الشعراء/ ٨٢] كيف علَّق رجاءَه وطمعَه (٣) بمغفرة اللَّه له؟ وقال تعالى عن خاصَّة خلقه وأعلمهم به إنّهم {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الاسراء/ ٥٧].

ومن العجب استدلاله بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان/ ٤٥]. فما لهذه الآية وما للرجاء، ولا سيَّما ما ذكره المصنف من (٤) تفسيره رجاءَ القوم؟ والاستشهاد بهذا من جنس الألغاز!

ومعنى الآية التنبيهُ على هذه الدلالة الباهرة على قدرة الربِّ تعالى وعجائب (٥) مخلوقاته الدّالة عليه. والمعنى: انظر كيف بسط ربّك الظلّ، و"الظلّ" ما قبل الزوال، و"الفيء" بعده، فمدَّه سبحانه وبسطه عند طلوع الشمس، فإنَّه يكون مديدًا أطولَ ما يكون، وجعل الشمس دليلًا عليه، فإنَّها هي التي تظهره وتبيّنه. ثمَّ كلَّما ارتفعت الشمس شيئًا انقبض من الظلّ جزءٌ، فلا يزال ينقبض (٦) يسيرًا يسيرًا (٧) حتى ينتهي إلى


(١) محاسن المجالس (٩٦).
(٢) "ب": "أبي الحنفاء".
(٣) "ب": "طمعه ورجاءه".
(٤) "ب، ك، ط": "في".
(٥) "ب": "عجيب".
(٦) "ك، ط": "ينقص"، تحريف.
(٧) في "ط": "يسيرًا" مرة واحدة.