للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

المثال الثالث (١): التوكّل.

قال أبو العبّاس: "هو للعوامّ أيضًا؛ لأنَّه كِلتُكَ أمرَك (٢) إلى مولاك، والتجاؤكَ إلى علمه ومعرفته (٣) لتدبير أمرك وكفاية همّك. وهذا في طريق الخواصّ عمًى عن الكفاية (٤)، ورجوعٌ إلى الأسباب؛ لأنَّك رفضتَ الأسبابَ، ووقفتَ مع التوكّل، فصارَ بدلًا عن تلك الأسباب؛ فكأنَّك (٥) معلَّق بما رفضتَه من حيث معتقدك الانفصال. وحقيقة التوكّل عند القوم: التوكّلُ في تخليص القلب من علّة التوكّل، وهو أن يعلم أنَّ اللَّه تعالى لم يترك أمرًا مهملًا، بل فرغ من الأشياء وقدرها. وإن اختلف


(١) تقدّم من قبل المثال الأول للإرادة، والمثال الثاني للزهد، فهذا المثال الثالث للتوكل، ولكن المؤلف رحمه اللَّه كتب أولًا: "الثالث" ثمَّ ضرب عليه وكتب "الرابع"، ومشى على هذا الترقيم! وكذا في النسخ الأخرى و"ط". ونته في حاشية "ب" على الخطأ. ولعلّ سبب الخطا أن التوكل هو الفصل الرابع في كتاب ابن العريف، والفصل الأوّل في المعرفة والعلم ولم يتكلّم عليه ابن القيّم. فلما كتب "الثالث " -وكان مصيبًا في ذلك- ثم رجع إلى كتاب ابن العريف لينقل من كلامه رأى أنّ التوكل هو الفصل الرّابع، فضرب على الثالث وكتب "الرابع"، واللَّه أعلم.
(٢) "ب": "وكلك أمرك". "ط": "وكل أمرك".
(٣) محاسن المجالس: "رأفته".
(٤) "ب، ك، ط": "الكفاية به"، وهو وهم فإنَّ رسم "الكفاية" في الأصل "اللفابه" والنقطة التي تحت الكلمة هي نقطة الفاء لكلمة "فكأنك" في السطر التالي. فظنها ناسخ نقطة الباء وقرأ: "به".
(٥) "ب، ك، ط": "فإنك". والصواب قراءة "ف". وكذا في المجالس.