للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجميع مراتب الزهد المتقدّمة مبادٍ (١) ووسائل لهذه المرتبة، ولكن لا يصحّ إلا بتلك المراتب. فمن رامَ الوصول إلى هذه المرتبة بدون ما قبلها فمتعنٍّ (٢) متمنٍّ، كمن رام الصعود إلى أعلى المنارة بلا سلَّم، كما (٣) قال بعض السلف: "إنَّما حُرموا الوصول بتضييع الأصول" (٤)، فمَن ضيَّع الأصولَ مُنِعَ (٥) الوصول.

وإذا عُرِفَ هذا فكيف يُدَّعى أنَّ الزهد من منازل العوامّ وأنَّه نقص في طريق الخاصَّة؟ وهل الكمال إلا في الزهد، وما النقص إلا في نقصانه؟ واللَّه الموفق للصواب.


(١) كذا في الأصل وغيره بتنوين الكسر، وأصله "مبادئ" بالهمزة، فلمّا سهّلها أجراها كمجارٍ.
(٢) "ط": "فتمعن"، تحريف.
(٣) "كما" ساقط من "ب، ك، ط".
(٤) كذا نقله شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (١١/ ٢١٢). وهو من كلام محمد ابن أبي الورد المتوفى سنة ٢٦٣ هـ، وكان هو وأخوه أحمد من جلّة مشايخ العراقيين ومن جلساء الجنيد وأقرانه. ونصّ قوله كما نقله أبو نعيم: "آفة الخلق في حرفين: اشتغال بنافلة وتضييع فريضة، وعمل جوارح بلا مواطأة القلب. وإنّما منعوا الوصول بتضييع الأصول". انظر: الحلية (١٠/ ٣٣٦)، وصفة الصفوة (١/ ٤٦٨)، وطبقات الصوفية (٢٤٩).
(٥) "ب، ك، ط": "حرم".