للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبقة الثالثة: الأنبياء (١) الذين لم يُرسَلوا إلى أُممهم، وإنَّما كانت لهم النبوة دون الرسالة، فاختُصُّوا عن الأمة بإيحاءِ اللَّه إليهم، وإرساله ملائكته إليهم، واختصَّت الرسلُ عنهم بإرسالهم إلى الأمة يدعونهم (٢) إلى اللَّه بشريعته وأمره، واشتركوا في الوحي ونزول الملائكة عليهم.

الطبقة الرَّابعة: ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم، وهم القائمون بما بُعثوا به علمًا وعملًا ودعوةً للخلق إلى اللَّه على طريقهم ومنهاجهم. وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسالة والنبوة، وهي مرتبة الصدِّيقية.

ولهذا قرنهم اللَّه تعالى في كتابه بالأنبياء فقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء/ ٦٩]، فجعل درجةَ الصدّيقية تلي (٣) درجةَ النبوة. وهؤلاء هم الربَّانيون، وهم الراسخون في العلم، وهم الوسائط بين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمته. فهم خلفاؤه وأولياؤه وحزبُه وخاصَّتُه وحَمَلةُ دينه، وهم المضمون لهم أنَّهم لا يزالون على الحقِّ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم (٤) حتَّى يأتي أمر اللَّه وهم على ذلك.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد/ ١٩]. وقد (٥) قيل: إنَّ الوقف على قوله: {هُمُ الصِّدِّيقُونَ} (٦) ثمَّ يبتدئ {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيكون الكلام


(١) "الأنبياء" ساقط من "ط".
(٢) "ط": "بدعوتهم"، تصحيف.
(٣) "ك، ط": "الصديقية معطوفة على درجة".
(٤) "ف": "لا يضرّهم من خالفهم" فأسقط جزءًا من الكلام.
(٥) "قد"ساقط من "ط".
(٦) من قوله تعالى في الآية السابقة: "والشهداء عند ربهم. . . " إلى هنا ساقط من =