للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جملتين: أخبر في إحداهما عن المؤمنين باللَّه ورسله أنَّهم هم الصدِّيقون، والإيمان التامّ يستلزم العلمَ والعملَ والدعوةَ إلى اللَّه سبحانه بالتعليم والصبرَ عليه، وأخبر في الثانية أنّ الشهداءَ عند ربّهم، لهم أجرهم ونورهم (١).

ومرتبة الصدّيقين فوق مرتبة الشهداءِ، ولهذا قدّمهم عليهم في الآيتين: هنا وفي سورة النساءِ. وهكذا جاءَ ذكرُهم مقدّمًا على الشهداءِ في كلام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله: "اثبُتْ أُحدُ، فإنّما عليك نبي وصدّيق وشهيدان" (٢). ولهذا كان ندت الصدّيقية وصفًا لأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، وهو أبو بكر الصدّيق رضي اللَّه عنه (٣). ولو كان بعد النبوة درجة أفضل من الصدّيقية لكانت لقبًا (٤) له رضي اللَّه عنه.

وقيل (٥): إنّ الكلام كلّه جملة واحدة، وأخبر عن المؤمنين بأنّهم هم الصدّيقون والشهداءُ عند ربّهم، وعلى هذا فالشهداءُ هم الذين يستشهدهم اللَّه على الناس يوم القيامة، وهو قوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة/ ١٤٣] وهم المؤمنون. فوصَفَهم بأنَّهم صدِّيقون في الدنيا


= "ف" لانتقال النظر.
(١) هذا قول ابن عباس ومسروق والضحاك، وهو اختيار ابن جرير رحمه اللَّه. انظر تفسيره (٢٧/ ٢٣٠).
(٢) "ك، ط": "شهيد"، خطأ. والحديث أخرجه البخاري (٣٦٧٥) في فضائل الصحابة عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.
(٣) "ط": ". . المرسلين أبي بكر الصديق".
(٤) "ك، ط": "نعتًا".
(٥) وهو مروي عن ابن مسعود ومجاهد. انظر: تفسير الطبري (٢٧/ ٢٣١).