للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة وإحسان وعدل لا تخرج عن ذلك البتة؛ وهو المحمود على ذلك كله، فيستحيل إضافة الشر إليه.

وتحقيق ذلك أنَّ الشرَّ ليس هو إلا الذنوب وعقوبتها، كما في خطبته -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحمدُ للَّه، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا" (١). فتضمّن ذلك الاستعاذةَ من شرور النفوس، ومن سيئات الأعمال وهي عقوباتها. وعلى هذا فالإضافة على معنى "اللام" من باب (٢) إضافة المتغايرين. أو يقال: المرادُ السيئاتُ من الأعمال، فعلى هذا الإضافةُ بمعنى "من"، وهي من باب إضافة النوع إلى جنسه.

ويدلُّ على الأوَّل قوله تعالى: {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} [غافر/ ٩]. قال شيخنا رحمه اللَّه (٣): وهذا أشبه، لأنَّه (٤) إذا أريد السيئات من الأعمال، فإن أريد ما وقع منها فالاستعاذة إنَّما تكون من عقوباتها، إذ الواقع لا يمكن رفعُه؛ وإن استعاذ منها قبل وقوعها لئلا يقع، فهذا هو الاستعاذة (٥) من شرِّ النفس.

وأيضًا فلا يقال في هذه التي لم توجد بعدُ: "سيئات أعمالنا"، فإنها


(١) أخرجه أحمد (٣٧٢١، ٤١١٦)، وأبو داود (٢١١٨)، والترمذي (١١٠٥)، وابن ماجه (١٨٩٢) بإسناد صحيح.
(٢) "ن": "وهي من باب".
(٣) يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه. وانظر قوله في مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٨٩).
(٤) "لأنَّه" ساقط من "ط".
(٥) "لا يمكن رفعه. . . الاستعاذة" ساقط من "ط".