للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم تكن بعدُ أعمالًا فضلًا عن أن تكون سيئات، وإضافة الأعمال إلينا تقتضي وجودها، إذ ما (١) لم يوجد بعدُ ليس هو من أعمالنا، إلا أن يقال: من سيئات الأعمال التي إذا عملناها كانت سيئات.

ولمن رجَّح التقدير الثاني أن يقول: العقوبات ليست لجميع الأعمال، بل للمحرَّمات منها، والأعمال أعم، وحملُها على المحرمات خاضَةً خلافُ ظاهر اللفظ. بخلاف ما إذا كانت الإضافة على معنى "من"، فتكون الأعمال على عمومها، والسيئات بعضها، فتكون السيئات على عمومها، والأعمال على عمومها (٢).

ويترجَّح أيضًا بأن (٣) الاستعاذة تكون قد اشتملت على أصول الشرّ كله، وهي (٤) شرّ النفس الكامن فيها الذي لم يخرج إلى العمل، وشرّ العمل الخارج الذي سوَّلته النفس. فالأوَّل شر الطبيعة والصفة التي في النفس، والثاني شر العمل المتعلق بالكسب والإرادة. ويلزم من المعافاة من هذين الشرين المعافاةُ من موجَبهما، وهو العقوبة؛ فتكون الاستعاذة قد شملت جميع أنواع الشر بالمطابقة واللزوم. وهذا هو اللائق بمن أوتي جوامع الكلم، فإنَّ هذا من جوامع كلمه البديعة العظيمة الشأن التي لا يعرف قدرَها إلا أهلُ العلم والإيمان (٥).


(١) "ما" سقط من "ط" واستدرك في القطرية.
(٢) "والأعمال على عمومها" ساقط من "ط".
(٣) "ك، ط": "أنَّ".
(٤) "ط": "هو".
(٥) وانظر: إغاثة اللهفان (١/ ١٥١)، وبدائع الفوائد (٧١٦)، والداء والدواء (١٧٨).