للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا ينال أحد منهم مسألةَ علمٍ نافعٍ إلا على أيديهم ومن طريقهم ينالها، ولا يسكن بقعةً من الأرضِ آمنًا إلا بسبب جهادهم وفتوحهم، ولا يحكم إمام ولا حاكم بعدل وهدًى إلا كانوا هم السبب في وصوله (١) إليه. فهم الذين فتحوا البلاد بالسيف، والقلوب بالإيمان، وعمروا البلاد بالعدل، والقلوب بالعلم والهدي؛ فلهم من الأجر بقدر أجور الأمة إلى يوم القيامة مضافًا إلى أجر أعمالهم التي اختصُّوا بها، فسبحان من يختص بفضله ورحمته من يشاء. وإنَّما نالوا هذا بالعلم، والجهاد، والحكم بالعدل؛ وهذه مراتب السبق التي يهبها اللَّه لمن يشاء من عباده.

الطبقة السابعة: أهل الإيثار والصدقة والإحسان إلى النَّاس بأموالهم على اختلاف حاجاتهم ومصالحهم، من تفريج كرباتهم، ودفع ضروراتهم، وكفايتهم في مهمَّاتهم. وهم أحد الصنفين اللذين قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم: "لا حسد إلا في اثنتين (٢): رجلٌ آتاه اللَّه الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها الناس، ورجلٌ آتاهُ اللَّه مالًا وسلَّطه على هَلَكتِه في الحقِّ" (٣). يعني أنَّه لا ينبغي لأحد أن يغبط أحدًا على نعمة ويتمنَّى مثلها إلا أحد هذين. وذلك لما فيهما من النفع العام (٤) والإحسان المتعدِّي إلى الخلق: فهذا ينفعهم بعلمه (٥)، وهذا ينفعهم بماله. "والخلق كلّهم


(١) "ك، ط": "وصولهم".
(٢) "ك، ط": "اثنين".
(٣) أخرجه البخاري في العلم (٧٣) وغيره، ومسلم في صلاة المسافرين (٨١٦) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٤) "ك، ط": "منافع النفع العام".
(٥) "ف": "بفعله"، تحريف.