للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكذلك (١) نظره إليه ببقاءِ الآخرّية حيث يبقى بعد الأسباب كلها. فكان اللَّه ولم يكن شيءٌ غيره، وكلّ شيءٍ هالك إلّا وجهه.

فتأمَّلْ عبوديّةَ هذين الاسمين وما يوجبانه من صحة الاضطرار إلى اللَّه وحده ودوام الفقر إليه دون كلّ شيءِ سواه، وأنّ الأمر ابتدأ منه وإليه يرجع، فهو المبتدئ بالفضل حيث لا سبب ولا وسيلة، وإليه ينتهي الأمر حيث (٢) تنتهي الأسباب والوسائل، فهو أول كل شيءٍ وآخره. وكما أنّه ربُّ كلِّ شيءٍ وفاعله وخالقه وبارئه، فهو إلهه وغايته التي لا صلاح له ولا فلاح ولا كمال إلّا بأن يكون هو غايته وحده. كما أنه لا وجود له إلّا بكونه وحده هو ربّه وخالقه، فكذلك لا كمال له ولا صلاح إلّا بكونه تعالى (٣) وحده هو غايته ونهاية مقصوده (٤).

فهو الأول الذي ابتدأت منه المخلوقات، والآخر الذي انتهت إليه عبودياتها (٥) وإرادتها (٦) ومحبتها، فليس وراءَ اللَّه شيءٌ يُقصَد ويُعبَد ويُتألّه، كما أنه ليس قبله شيءٌ يَخلُق ويَبرأ. فكما كان واحدًا في إيجادك، فاجعله واحدًا في تألّهك وعبوديتك (٧). وكما ابتدأ وجودك


(١) "ط": "وكذلك".
(٢) "ينتهي الأمر حيث" ساقط من "ط".
(٣) من قوله "هو غايته وحده" إلى هنا ساقط من "ط".
(٤) "ط": "نهايته ومقصوده".
(٥) "ك": "عبوديتها".
(٦) "ن، ك، ط": "إراداتها".
(٧) "ط": "تألهك إليه لتصح عبوديتك"، وهو غلط ناشئ من السقط في بعض النسخ.