للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلك في هذه الحقيقة من أمم لا يُحصيهم إلا اللَّه! وكم عطَّل (١) الواقفون معها من الشرائع، وخرَّبوا من المنازل! وما نجا من معاطبها إلا من شملته العنايةُ الربانيَّةُ، ونفذ ببصره من هذه الحقيقة إلى الحقيقة الإيمانية النبوية: حقيقةِ رسل اللَّه وأنبيائه وأتباعهم. وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء.

والحقيقة الثالثة: حقيقة اتحادية، بل وَحْدية (٢). لا يفرَّق فيها بين الربّ والعبد، ولا بين القديم والمحدَث، ولا بين صانع ومصنوع، بل الأمر كلّه واحد، والأمر المخلوق هو عين الأمر الخالق. وهذه الحقيقة التي يشير إلى عينها طائفةُ الاتحادية، ويعدّون من لم يكن من أهلها محجوبًا! وهذه حقيقة كفرية إلحادية (٣)، وهي مع ذلك خيال فاسد، وعقل منكوس، وذوق من عين منتنة. وكفرُ أهلها أعظمُ من كفر كل أمة، فإنَّهم جحدوا الصانعَ حقًّا، وإن أثبتوه جعلوا وجودَه وجودَ كل موجود، والذين أثبتوا الصانع سبحانه، وعدلوا به غيرَه، وسوّوا بينه وبين غيره في العبادة = مقالتُهم خيرٌ من مقالة هؤلاء الذين جعلوه وجودَ كلِّ موجود. وعين كل شيء (٤). تعالى اللَّه عمَّا يقول الكاذبون المفترون علوًّا كبيرًا.


(١) "ب، ك، ط": "عطل لأجلها"، وقد انتشر الحبر في الأصل على الكلمتين وما بعدهما، فلا يدرى أكلمة "لأجلها" مضروب عليها أم لا. وقد اعتمدنا على "ف".
(٢) "ط": "واحدية"، تحريف.
(٣) "ب، ك، ط": "اتحادية". رسمها في الأصل يحتمل هذه القراءة، ولكن الصواب ما أثبتنا من "ف".
(٤) "ف": "كل موجود"، خلاف الأصل.