للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعليك بالفرق بين السائرين إلى عين (١) هذه الحقيقة، والسائرين إلى عين الحقيقة الكونية الحكمية، والسائرين إلى عين الحقيقة المحمَّدية الإبراهيمية الحنيفيّة التي هي حقيقة جميع الأنبياء والمرسلين. وفيها تفاوتت مراتب السالكين ومنازلهم من القرب من ربّ العالمين. قال شيخ هذه الحقيقة (٢) لما تحقَّق فناءَ تلك (٣) الرسوم وأُفولَها (٤) {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)} [الأنعام/ ٧٩]. وهذا التوجّه يتضمَّن محبته دون غيره، وعبادته وطاعته دون غيره. فهذه هي الحقيقة حقًّا، وما سواها باطل حقيقةً.

قال (٥) تعالى لأكرم خلقه عليه: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)} [النحل/ ١٢٣] فأمره تعالى أن يقتدي بأبيه إبراهيم في هذه الحقيقة. وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلِّم أصحابه إذا أصبحوا وإذا أمسوا أن يقولوا: "أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبيّنا محمد، وملَّة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين" (٦).


(١) "عين" ساقط من "ك، ط".
(٢) في حاشية "ك": "هو إبراهيم عليه السلام". وأدخلت هذه الحاشية في "ط" بعد حذف "هو".
(٣) ف: "هذه"، قراءة محتملة.
(٤) "ب": "أقر لها"، تحريف.
(٥) "ك، ط": "قال" دون واو العطف.
(٦) أخرجه أحمد (١٥٣٦٣)، والنسائي في الكبرى (٩٨٣١, ١٠١٧٧) من حديث عبد الرحمن بن أبزى، وهو حديث ثابت إلّا لفظة: "وإذا أمسوا"، تفرّد بها وكيع عن الثوري، ولم يروها أحد من أصحاب الثوري، ورواه شعبة فلم يذكرها. (ز).