للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرابين عباده، وإن كان ذلك بالنسبة إلى الأنعام إهلاكًا (١) وإتلافًا. فأعداؤه الكفَّار المشركون به الجاحدون به (٢) أولى أن تكون دماؤهم قرابينَ أوليائه وضحايا المجاهدين في سبيله، كما قال حسَّان بن ثابت (٣):

يتطهَّرون، يَرونَه قُربانَهم ... بدماءِ مَن عَلِقوا من الكفَّار (٤)

وكذلك لمَّا ضحَّى خالد بن عبد اللَّه القَسْري (٥) بشيخ المعطِّلة الفرعونية الجعد بن درهم، فإنَّه خطبهم في يوم أضحى، فلمَّا أكمل خطبته قال: "أيّها النَّاسُ ضَحُّوا، تقبَّل اللَّه ضحاياكم، فإنِّي مُضَحٍّ بالجعد بن درهم، إنَّه زعمَ أنَّ اللَّه لم يكلِّم موسى تكليمًا، ولم يتخذ إبراهيمَ خليلًا، تعالى عمَّا يقول الجعدُ علوًّا كبيرًا. ثمَّ نزل، فذبحه، وكان (٦) ضحيته. ذكر ذلك البخاري في كتاب خلق الأفعال (٧).

فهذا شهود أوليائه من شان أعدائه، ولكن أعداؤه في غفلة عن هذا لا يشهدونه ولا يقرون به، ولو شهدوه وأقروا به لأدركهم حنانُه


(١) "ب، ك، ط": "هلاكًا".
(٢) "به" ساقط من "ب، ك، ط".
(٣) كذا وقع في الأصل وغيره، وهو سهو، فالبيت من الأبيات المشهورة التي قالها كعب بن زهير في الأنصار. انظر: ديوانه (٣٥)، ورواية صدر البيت فيه وفي السيرة وغيرها:
يتطهرون كأنَّه نُسُكٌ لهم
(٤) في الأصل والنسخ الأخرى: "علقوا به"، وهو خطأ يخلّ بالوزن.
(٥) "القسري" ساقط من "ب".
(٦) "ب، ك، ط": "فكان".
(٧) ص (٢٩). وانظر الفتاوى (٨/ ٣٥٧).