للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصدق والكذب، والبرّ والفجور (١)، والسجود للأصنام والشمس والقمر والنجوم وبين (٢) السجود له. ولم يكلف أحدًا ما يقدر عليه، بل كلُّ تكاليفه (٣) تكليفُ ما لا يطاق، ولا قدرة للمكلَّف عليه البتة. ويجوز أن يعذِّب رجالًا إذ لم يكونوا نساء، ويعذب نساءً إذ لم يكونوا رجالًا، وسودًا حيث لم يكونوا بيضًا، وعكسه (٤). ويجوزُ أن يُظهر المعجزةَ على أيدي الكذَّابين، ويُرسل رسولًا يدعو إلى الباطل وعبادة الأوثان، ويأمر بقتل النفوس وأنواع الفجور.

ولا ريبَ (٥) أنَّ هذا يرفع الشرائع والأمر والنهي بالكلية، ولو لا تناقض القائلين به لكانوا منسلخين من دين الرسل، ولكن مشى الحالُ بعضَ المشي بتناقضهم، وهو خير لهم من طرد أصولهم والقولِ بموجبها.

والمقصود: أنَّه لم يؤمن بالقضاء والقدر والحكمة والأمر والنهي والوعد والوعيد حقيقةَ الإيمان إلا أتباع الرسل وورثتُهم.

والقضاء والقدر منشؤه عن علم الرب وقدرته، ولهذا قال الإمام أحمد: "القدر قدرة اللَّه" (٦). واستحسن ابن عقيل هذا الكلام من أحمد


(١) "ط": "الصدق والفجور والكذب والفجور"، وحذفت "الفجور" الأولى من القطرية، والصواب ما أثبتنا من الأصل وغيره.
(٢) "النجوم وبين" ساقط من "ط".
(٣) "ط": "تكليفه".
(٤) مكان "عكسه" في "ط": "وبيضًا حيث لم يكونوا سودًا".
(٥) كذا في الأصل وغيره، وهو في المعنى خبر "فإنّ" الواردة في أول الفقرة السابقة.
(٦) مسائل ابن هانئ (٢/ ١٥٥)، مجموع الفتاوى (٨/ ٣٠٨).