للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفى اللَّه التعذيب عليه (١) حتَّى تقوم حجَّته بالرسل (٢).

الأصل الثالث: أنَّ قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة اللَّه على الكفار في زمان دون زمان، وفي بقعة وناحية دون أخرى. كما أنَّها تقوم على شخص دون آخر، إمَّا لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإمَّا لعدم فهمه كمن (٣) لا يفهم الخطاب، ولم يحضر ترجمان يُترجِم له، فهذا بمنزلة الأصمّ الذي لا يسمع شيئًا ولا يتمكّن من الفهم. وهو أحد الأربعة الذين يُدْلُون على اللَّه بالحجَّة يوم القيامة، كما تقدَّم في حديث الأسود وأبي هريرة وغيرهما (٤).

الأصل الرَّابع: أنَّ أفعال اللَّه عزَّ وجلَّ تابعة لحكمته التي لا يخلّ بها سبحانه، وأنَّها مقصودة لغاياتها المحبوبة (٥) وعواقبها الحميدة. وهذا الأصل هو أساس الكلام في هذه الطبقات الذي عليه ينبني (٦)، مع تلقّي أحكامها من نصوص الكتاب والسنَّة، لا من آراء الرجال وعقولهم. ولا يدري قدر الكلام في هذه الطبقات (٧) إلا من عرف ما في كتب


(١) "ط": "عنه".
(٢) "ك، ط": "حجة الرسل".
(٣) "ط": "كالذي".
(٤) انظر: ص (٨٦٥ - ٨٦٩).
(٥) "ك، ط": "لغايتها المحمودة".
(٦) رسم الكلمة في الأصل و"ف، ب" يقتضي هذه القراءة، وإن كان يعجبني أن تقرأ "نبني".
(٧) "الذي عليه ينبني. . . " إلى هنا ساقط من "ك" لانتقال النظر، وكذا في "ط".