للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يتّصل به قلبه ويعلق (١) به تعلّقَ المحبِّ التامِّ المحبّة لمحبوبه (٢)، فيسلو به عن جميع المطالب سواه، فلا يبقى في قلبه إلَّا اللَّه (٣) وأمره وطلب التقرّب إليه. فإذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربُّه، فقرَّبه، واصطفاه، وأخذ بقلبه إليه، وتولاه في جميع أموره في معاشه ودينه، وتولّى تربيته أحسن وأبلغ مما يربّي الوالدُ الشفيقُ ولدَه. فإنَّه سبحانه القيّوم المقيم لكل شيء من المخلوقات طائعها وعاصيها، فكيف تكون قيوميّته بمن أحبّه، وتولاه، وآثره على ما (٤) سواه؛ ورضي به من الناس حبيبًا وربًّا، ووكيلًا وناصرًا ومعينًا وهاديًا؟ فلو كشف الغطاءَ عن ألطافه به (٥) وبرّه وصنعه له، من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم، لذاب قلبُه حبًّا (٦) له وشوقًا إليه، وتقطّع (٧) شكرًا له. ولكن حجب القلوبَ عن مشاهدة ذلك إخلادُها إلى عالم الشهوات والتعلّق بالأسباب، فصُدّت عن كمال نعيمها، وذلك تقدير العزيز العلم. وإلّا فأيّ قلب يذوق حلاوةَ معرفة اللَّه ومحبّته، ثمَّ يركن إلى غيره، ويسكن إلى سواه (٨)؟ هذا ما لا يكون أبدًا.

ومن ذاق شيئًا من ذلك، وعرف طريقًا (٩) موصلةً إلى اللَّه، ثمّ تركها،


(١) "ب": "يتعلّق".
(٢) "ب، ك، ط": "بمحبوبه".
(٣) "ك، ط": "محبة اللَّه".
(٤) "ف": "عليها"، تحريف.
(٥) "به": ساقط من "ك، ط".
(٦) "ك، ط": "محبة".
(٧) "ف": "يقطع". وفي "ط": "يقع"، تحريف.
(٨) "ك، ط": "ما سواه".
(٩) "ف": "طريقة"، خلاف الأصل.