للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله رحمه اللَّه: "كلّ ما هو من العبد فهو علَّة تليق بعجز العبد وفاقته". يقال (١): إذا كان إنَّما منه (٢) العبودية التي يحبّها اللَّه كسبًا ومباشرةً، فهو قائم بها، شاهد لمقيمه فيها، مطالع لمنّه وفضله؛ فأيّ علَّة هنا سوى وقوفه مع شهود ما (٣) منه، وغيبته عن شهود إقامة اللَّه له (٤)، وتحريكه إيَّاه، وتوفيقه له؟ فالعلَّة هي هذا (٥) الشهود وهذه الغيبة المنافية لكمال الافتقار والفاقة إلى اللَّه. وأمَّا شهود فقره وفاقته في مجموع (٦) حالاته وحركاته وسكناته إلى وليّه وبارئه مستعينًا به أن يقيمه في عبوديته (٧) خالصةً له، فلا علَّة هناك.

قوله: "وإنَّما عين الحقيقة أن يكون قائمًا بإقامته له" إلى آخر كلامه. يقال: إن أردتَ أنَّه يشهد إقامة اللَّه له حتَّى قام، ومحبَّته له حتَّى أحبّه، ونظره إلى عبده حتَّى أقبل عبدُه عليه ناظرًا إليه بقلبه، فهذا حقّ. فإنَّ ما مِنَ اللَّه سبق ما من العبد، فهو الذي أحب عبدَه أوَّلًا فأحبه العبدُ، وأقام عبدَه (٨) في طاعته فقام بإقامته، ونظر إليه فأقبل العبد عليه، وتاب عليه أوَّلًا فتاب إليه العبد.

وإن أردتَ أنَّه لا يشهد فعلَه البتَّة، بل يفنى عنه جملةً، ويشهد أنَّ اللَّه


(١) زاد في (ط): "له".
(٢) "ط": "منته".
(٣) "ط": "شهودها" تحريف.
(٤) "له" ساقط من "ط".
(٥) "ك، ط": "بهذا".
(٦) "ك، ط": "فاقته ومجموع".
(٧) "ط": "عبودية".
(٨) "ك، ط": "العبد".