للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوصف، أو تنسَب إلى وقت. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ، لدينا محضَرون" (١).

فيقال: هذا هو مقام الفناءِ الذي يشير إليه كثيرٌ من المتأخرين، ويجعلونه غاية الغايات ونهاية النهايات، وكلُّ ما دونه فمِرقاةٌ إليه وعَيلةٌ عليه. ولهذا كانت المحبة عندهم آخرَ منازل الطريق، وأوَّلَ أودية الفناءِ، والعقبةَ التي يُنحدَر منها على منازل المحو، وهي آخر منزل يلقَى فيه مقدّمة العامَة ساقةَ الخاصَّة، وما دونها أغراض لأعواض (٢). فجعلوا المحبة منزلةً (٣) من المنازل ليست غاية، وجعلوها أوَّل الأودية التي يسلك (٤) فيها أصحاب الفناءِ، فهي أوَّل أوديتهم والعقبة التي ينحدرون منها إلى منازل الفناء والمحو. فليست هي الغاية عندهم، وأصحابها عندهم مقدّمة العامَّة، وساقةُ إصحاب الفناء عندهم متقدّمون (٥) عليهم سابقون لهم، فإنَّهم ساقة الخاصّة، وهؤلاء مقدّمة العامّة. وهذا (٦) كلّه بناءً على أنَّ الفناء هو الغاية التي لا غاية للعبد وراءَها, ولا كمال له يطلبه فوقها. وقد تبيّن ما في ذلك، وما هو الصواب، بحمد للَّه.


(١) محاسن المجالس (٩٢).
(٢) "لأعواض" بالواو. كذا في الأصل، وفي منازل السائرين الذي أخذ منه المؤلف هذه العبارة ولم يشر محققه إلى قراءة أخرى. انظر: المنازل (٧١)، ومدارج السالكين (٢/ ٦١٤)، وفسر المؤلف فيه معنى الأعواض هنا. وفي النسخ الأخرى وفي المجالس (٩٥): "لأعراض" بالراء. هذا، وقد كتب في الأصل بعد هذه العبارة: "هذا كلام صاحب المنازل" ثم ضرب عليه.
(٣) "ط": "منزلا".
(٤) "ك، ط": "سلك".
(٥) "ب, ك، ط": "مقدّمون".
(٦) "ك، ط": "فهذا".