للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كله مراد، فأيِّ شيءٍ أُبغِضُ منه؟ قال: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغضَ بعضَ من في الكون وعاداهم ولعنهم، فأحببتَهم أنت وواليتهم، أكنتَ وليًّا للمحبوب أو عدوًا له؟ قال: فكأنَّما أُلْقِمَ حجَرًا (١).

وقرأ قارئ بحضرة بعض هؤلاء: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص/ ٧٥] فقال: هو واللَّهِ منعه! ولو قال إبليس ذلك كان (٢) صادقًا، وقد أخطأ إبليس الحجَّة، ولو كنتُ حاضرًا لقلتُ (٣): أنتَ منعته!

وسمع بعض هؤلاء قارئًا يقرأ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت/ ١٧] فقال: ليس من هذا شيء، بل أضلَّهم وأعماهم. قالوا: فما معنى الآية؟ قال: مَخْرَقةٌ يُمَخْرِقُ بها (٤).

فيقال: اللَّه أكبر على هؤلاء الملاحدة أعداء اللَّه حقًّا الذين ما قدروا اللَّه حقَّ قدره، ولا عرفوه حقَّ معرفته، ولا عظَّموه حقَّ تعظيمه، ولا نزِّهوه عمَّا يليق به، وبغِّضوه إلى عباده وبغِّضوهم إليه سبحانه، وأساؤوا الثناءَ عليه جهدَهم وطاقتهم.

وهؤلاء خصماءُ اللَّه حقًّا الذين جاءَ فيهم الحديثُ: "يُقال يومَ القيامة: أين خصماء اللَّه؟ فيؤمرُ بهم إلى النَّارِ" (٥).


(١) نقله المؤلف عن شيخ الإسلام في المدارج (٢/ ٥٩٤)، وشفاء العليل (١٩)، وسينقله مرَّة أخرى في هذا الكتاب (٦٥٨)، وانظر مجموع الفتاوى (١٠/ ٢١٠، ٤٨٦).
(٢) "ط": "لكان".
(٣) "ك، ط": "لقلت له".
(٤) المخرقة: الخداع، والشعوذة.
(٥) أخرجه اللالكائي (١٢٣٢) من حديث عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.