للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكمال الزائد. وإذا عنينا بالشر ذلك (١) فلا شكَّ أنَّ ذلك مغلوب والخير غالب. لأنَّ الأمراض وإن كثرت إلا أنَّ الصحة أكثر منها، والحرق (٢) والغرق والخسف وإن كانت قد تكثر إلا أنَّ السلامة أكثر منها.

فأمَّا الذي يكون خيره غالبًا (٣) على شرِّه، فالأولى فيه أن يكون موجودًا لوجهين:

الأوَّل: أنَّه إن لم يوجد فلا بدَّ وأن يفوت الخير الغالب، وفوت الخير الغالب شر غالب، فإذن في عدمه يكون الشر أغلب من الخير، وفي وجوده يكون الخير أغلب من الشر، ويكون (٤) وجود هذا القسم أولى. مثاله: النار في وجودها منافع كثيرة، وأيضًا مفاسد كثيرة مثل إحراق الحيوانات، ولكنَّا إذا قابلنا منافعها (٥) بمفاسدها كانت مصالحها أكثر بكثير من مفاسدها، ولو لم توجد لفاتت تلك المصالح، فكانت (٦) مفاسد عدمها أكثر من مصالحه (٧)، فلا جرم وجب إيجادها وخلقها.

الثاني -وهو الذي يكون خيره ممزوجًا بالشر- ليس إلا الأمور التي تحت كرة القمر، ولا شك أنَّها معلولات العلل العالية (٨)، فلو لم يوجد


(١) "وإذا عنينا بالشر ذلك" ساقط من "ط".
(٢) "ك، ط": "فالحرق".
(٣) في الأصل: "غالب"، والمثبت من "ف" وغيرها.
(٤) في المباحث: "فيكون"، وهو مقتضى السياق.
(٥) المباحث: "مصالحها".
(٦) "ك، ط": "وكانت".
(٧) "ط": "مصالحها".
(٨) "ف، ب": "الغالية"، تصحيف.