للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أعطى الدليل حقَّه، وضم ما مع كل طائفة من الحق إلى حق الطائفة الأخرى، وتحيز إلى ما جاءت به الرسل، على علم وبصيرةٍ، وتقريرٍ (١) لما جاؤوا به بجميع طرق الحق، لخلص (٢) من تلك المطالبات مع إقراره بأنَّ ربَّ العالمين فعَّال لما يريد، يفعل بمشيئته وقدرته وحكمته (٣)، وأنَّ له المشيئة النَّافذة والحكمة البالغة، وأنَّ تقدير تجريد النَّار عمَّا خُلِقَت عليه من الإحراق، والماءِ عمَّا خلق عليه، والرياح والنفوس البشرية عمَّا هُيِّئت له وخلقت عليه = منافٍ (٤) للحكمة المطلوبة المحبوبة للرب سبحانه؛ وأنَّ هذا تقدير لِعَالمٍ آخر غير هذا العالم، وتعطيلٌ للأسباب التي نَصَبَهَا (٥) اللَّه مقتضياتٍ لمسبَّباتها، وأنَّ

تلك الأسباب مظهر حكمته وحمده، وموضع تصرفه بخلقه (٦) وأمره. فتقديرُ تعطيلها تعطيلٌ للخلق والأمر، وهو أشدُّ منافاةً للحكمة وإبطالًا لها؛ واقتضاءُ هذه الأسباب لمسبباتها كاقتضاء الغايات لأسبابها، فتعطيلُها عنها (٧) قدحٌ في الحكمة، وتفويتٌ لمصلحة العالم التي عليها نظامه وبها قوامه.

ولكن الرب سبحانه قد يخرق العائدة (٨)، ويعطِّلها عن مقتضياتها


(١) "ط": "وهو تقرير"، خطأ.
(٢) "ك": "تخلص"، "ط": "التخلص".
(٣) "ف": "كلمته"، تحريف.
(٤) "ف": "سان" كذا دون نقط، فإنَّه لم يتمكن من قراءة الأصل.
(٥) "سبحانه، وأنَّ هذا. . " إلى هنا سقط من "ط"، فاستدرك في القطرية، ولكن بقي في هذه سقط،. وهو: "غير هذا العالم".
(٦) "ك، ط": "لخلقه".
(٧) "ك، ط": "منها".
(٨) أي العادة كما في "ب، ط".