للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحيانًا إذا كان فيه مصلحة راجحة على مفسدة فوات تلك المسببات، كما عطَّل النار التي أُلقيَ فيها إبراهيم وجعلها عليه بردًا وسلامًا عن الإحراق لما في ذلك من المصالح (١) العظيمة. وكذلك تعطيلُ الماءِ عن إغراق موسى وقومه وعمَّا خُلِقَ عليه من الإسالة والتقاءِ أجزائه بعضها ببعض = هو لما فيه من المصالح العظيمة والآيات الباهرة والحكمة التَّامة التي ظهرت في الوجود، وترتَّب عليها من مصالح الدنيا والآخرة ما ترتب.

وهكذا -سبحانه- سائر أفعاله (٢)، مع أنَّه شهد (٣) عبادُه بذلك أنَّه هم (٤) مسبِّب الأسباب، وأنَّ الأسباب خَلقُه وملكه (٥)، وأنَّه يملك تعطيلها عن مقتضياتها وآثارها، وأنَّ جعلها (٦) كذلك لم يكن من ذاتها وأنفسها، بل هو الذي جعلها كذلك، وأودعَ فيها من القوى والطبائع ما اقتضت به آثارها، وأنَّه إن شاءَ أن يسلبها إيَّاها سلبها، لا كما يقول أعداؤه من الفلاسفة والطبائعيين (٧) وزنادقة الأطباءِ إنَّه ليس في الإمكان (٨) تجريد هذه الأسباب عن آثارها وموجباتها، ويقولون:


(١) "النار التي. . . " إلى هنا سقط من "ب".
(٢) "ك، ب": "فهكذا سائر أفعاله سبحانه". "ب": "فهكذا سبحانه وتعالى. . .".
(٣) "ط": "أشهد".
(٤) "هو": ساقط من "ب، ك، ط".
(٥) "وملكه".
(٦) كذا في الأصل وغيره. وفي حاشية "ك": "ظ كونها"، وهو أشبه، وكذا في "ط".
(٧) "ف": "الطبائعية". والكلمة غير واضحة في الأصل لانشار الحبر ولكنَّها أقرب إلى ما أثبتنا، وبعد فالكلمتان كلتاهما شائعتان في كتب المصنف.
(٨) "ب": "الإنسان"، تحريف.