للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعذابُه في فتوره ووقوفه. فيرى (١) أشدّ الأشياء عليه ضياعَ شيء من وقته ووقوفَه عن سيره، ولا سبيل إلى هذا إلا بالحبّ المزعِج.

وقوله: "وتسلّي (٢) عن المصائب" صحيح، فإنَّ المحبّ يتسلَّى بمحبوبه عن كلّ مصيبة يصاب بها دونه، فإذا سلم له محبوبه لم يُبالِ بما فاته، ولا يجزع (٣) على ما ناله، فإنَّه يرى في محبوبه عوضًا عن كلّ شيء، ولا يرى في شيء غيره عوضًا منه أصلًا، فكل مصيبة عنده هينة إذا أبقَتْ عليه محبوبه.

ولهذا لما خرجت تلك المرأة الأنصارية يوم أحد تنظر ما فعل رسولُ اللَّه (٤) -صلى اللَّه عليه وسلم- مرت بأبيها وأخيها مقتولَين (٥)، فلم تقِفْ عندهما، وجاوزتهما تقول: ما فعل رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقيل لها: ها هو ذا حيّ، فلما نظرت إليه قالت (٦): ما أُبالي إذ (٧) سلمتَ هلك مَن هلك (٨).

ولو لم يكن في المحبة من الفوائد إلا هذه الفائدة وحدَها لكفى بها


(١) "ك، ط": "فترى".
(٢) "ك": "سلى". (ط): "سلا"، خطأ.
(٣) في الأصل: "ولا يجرح" بالجيم والحاء، ولعله سهو وكذا في "ف". وفي "ب": "ولم يجزع". وفي "ك، ط": "فلا يجزع".
(٤) "ك، ط": "برسول اللَّه".
(٥) في السيرة أنها أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأحد. انظر: سيرة ابن هشام (٢/ ٩٩).
(٦) في الأصل: "قال"، سهو.
(٧) "ك، ط": "إذا"، خطأ.
(٨) أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (٢/ ٩٩)، والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٣٠٢)، وسنده ضعيف للانقطاع. (ز).