للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالشيء (١) نعيمه وطيب حياته به.

وقال بعض السلف: "إنِّي لأفرح بالليل حين يُقبل، لما يلَذّ (٢) به عيشي وتقَرّ به عيني من مناجاة من أحب، وخلوّي (٣) بخدمته، والتذلل بين يديه. وأغتمّ للفجر إذا طلع، لما أشتغل به بالنهار عن ذلك". فلا شيء ألذّ للمحب من خدمة محبوبه وطاعته.

وقال بعضهم: تعذَّبتُ بالصلاة عشرين سنة، ثُمَّ تنعّمتُ بها عشرين سنة (٤).

وهذه اللذّة والتنعّم بالخدمة إنَّما تحصل بالمصابرة على التكرّه والتعب أوَّلًا، فإذا صبر عليه وصدق في صبره أفضى به إلى هذه اللذّة. قال أبو يزيد: سُقْتُ نفسي إلى اللَّه وهي تبكي، فما زلت أسوقها حتَّى انساقت إليه وهي تضحك (٥).

ولا يزال السالك عرضةَ الآفات (٦) والفتور والانتكاس حتى يصل إلى هذه الحال (٧). فحينئذٍ يصير نعيمُه في سيره، ولذّتُه في اجتهاده،


(١) "بالشيء" ساقط من "ك، ط".
(٢) "ك، ط": "يلتذ". "ب": "تلذبه عيشتي".
(٣) "ك، ط": "خلوتي".
(٤) "ف": "تغذيت"، تصحيف. وهو من كلام عتبة الغلام ابن أبيان البصري. حلية الأولياء (١٠/ ٩). وفيه: "كابدت الصلاة. . "، وانظر: عدة الصابرين (٨٤).
(٥) ذكره المصنف في بدائع الفوائد (١١٨١) ضمن ما انتقاه من المدهش لابن الجوزي (٤٦٣).
(٦) "ط": "للآفات".
(٧) "ط": "الحالة".