للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجمعين من أهل السماوات والأرضين، وتنعيمُ أعدائه من الكفَّار به والمحاربين له والمكذبين له ولرسله. والكلُّ بالنسبة إليه سواءٌ، ولا فرق البتة إلا أنَّه أخبر أنه لا يفعل ذلك، فامتنع للخبر بأنَّه لا يفعله، لا لأنَّه في نفسه منافٍ لحكمته.

ومع ذلك فرضاه عينُ غضبه، وغضبُه عينُ رضاه، ومحبته كراهته، وكراهته محبته، إن هو (١) إلا إرادة محضة ومشيئة صرفة يشاء بها، لا لحكمة ولا لغاية ولا لأجل مصلحة. ومع ذلك يعذِّب عباده على ما لم يعملوه ولا قدرة لهم عليه، بل يعذبهم على نفس فعله الذي فعله هو وينسبه إليهم، ويعذبهم إذ لم يفعلوا فعله ويلومهم عليه. ويجوز في حكمته أن يعذب رجالًا إذ (٢) لم يكونوا نساءً، ونساءً حيث (٣) لم يكونوا رجالًا، وطِوالًا إذ (٤) لم يكونوا قصارًا وبالعكس، وسودًا إذ (٥) لم يكونوا بيضًا وبالعكس. بل تعذيبُه لهم على مخالفته هو من هذا الجنس، إذ لا قدرة لهم البتة على فعل ما أُمروا به، ولا ترك ما نُهوا عنه.

فله الحمدُ والمنَّة والثناءُ الحسن الجميل، إذ (٦) لم يجعلنا عبيدًا لمن هذا شأنُه، فنكون مضيعين، ليس لنا ربٌّ نقصده، ولا صمدٌ نتوجه إليه ونعبده (٧)، ولا إله نعول عليه، ولا رب نرجع إليه، بل قلوبنا تنادي في


(١) "ط": "هي".
(٢) "ط": "إذا"، خطأ.
(٣) "ف": "إذ" خلاف الأصل.
(٤) "ك، ط": "حيث".
(٥) "ط": "إذا"، وصحح في القطرية.
(٦) "ط": "إذا"، خطأ.
(٧) "ونعبده" ساقط من "ب".