للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعلق (١) القلبَ بشهوده، وهي محبة تظهر من مطالعة الصفات، والنظر في الآيات، والارتياض بالمقامات" (٢).

وإنَّما جعل هؤلاء هذه المحبة أنقصَ من المحبة الثالثة بناءً على أصولهم في أنَّ (٣) الفناءَ هو غاية المسالك التي لا غاية له وراءَها. فهذه المحبة لما أفنَت المحبّ، واستغرقت روحه، بحيث غيبته عن شهوده، وفني فيها المحبّ، وانمحت رسومه بالكلّية، ولم يبق هناك إلا محبوبه وحده، فكأنَّه هو المحبّ لنفسه بنفسه، إذ فني من لم يكن، وبقي من لم يزل.

ولمَّا ضاق نطاق النطق بهم عن التعبير عنها عدلوا إلى التعبير عنها بكونها قاطعةً للعبارة، مدقّقةً للإشارة، يعني تدِقّ عنها الإشارة؛ لأنَّ (٤) الإشارة تتناول محبًّا ومحبوبًا، وفي هذه المحبة قد فني المحبّ، فانقطع تعلُّق الإشارة به، إذ الإشارة لا تتعلّق بمعدوم.

وسر هذا المقام عندهم هو الفناءُ في الحبّ، بحيث لا يشاهد له رسمًا ولا محبَّةً ولا سببًا. ولهذا كانت الدرجتان اللتان قبله عنده (٥) معلولتين، لأنَّهما مصحوبتان (٦) بالبقاء وشهود الأسباب، بخلاف الثالثة. ولهذا قال: "ولا تنتهي بالنعوت" يعني أنَّ النعت لا يصل إليها


(١) "ك، ط": "يلهج. . . يعلق"، تصحيف.
(٢) منازل السائرين (٧٢). وانظر: المدارج (٦١٧).
(٣) "ط": "فإنَّ"، تحريف.
(٤) "ك، ط": "ولأنَّ"، خطأ.
(٥) "ط": "عنه"، تحريف.
(٦) في الأصل و"ف": "مصحوبان"، ولعله سهو. والمثبت مما عداهما.