للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "وهذا شوق تغشاه المبار". هي جمع مبرَّة، وهي البِرّ، أي: أنَّ هذ الشوق مشحونٌ بالبِرّ مغشيٌّ به. وهو إمَّا بِرّ القلب وهو كثرة خيره؛ فهذا القلب أكثر القلوب خيرًا، يغلي (١) بالبرّ تقرّبًا إلى من هو مشتاق إليه، فهو يجيش بأنواع البرّ. وهذه من فوائد المحبة أنَّ قلب صاحبها تنبع (٢) منه عيونُ الخير، وتتفجَّر منه ينابيع البِرّ. أو (٣) يريد به أنَّ مبارّ اللَّه ونعَمه تغشاه على الدوام.

وقوله: "وتخالجه المسارّ". أي: يخالطه السرور في غضون أشواقه، فإنَّها أشواق لا وحشة معها ولا ألم، بل هي محشوّة بالمسرَّات.

وقوله: "ويقارنه الاصطبار". أي: صاحبه له قوة على اصطباره على مرضاة حبيبه لشدَّة شوقه (٤) إليه، وإنَّما يضعف الصبر لضعف المحبة. والمحبّ من أصبَر الخلق كما قيل:

نفسُ المحبِّ على الآلام صابرةٌ ... لعلَّ مُسْقِمَها يومًا يُداويها (٥)


(١) رسم الكلمة في الأصل يشبه: "يغل"، وأثبت ناسخ "ف": "يعل" وكتب في الحاشية: "كذا". وفي "ب، ك": "فعل". وفي "ط": "فيفعل البرّ". وهذا تغيير في النصّ فإنّ في النسخ كلها: "بالبرّ". والصواب -إن شاء اللَّه- ما أثبتّ. والتعبير مأخوذ من قول بعض السلف: "قلوب الأبرار تغلي بالبرّ، وقلوب الفجَّار تغلي بالفجور"، نقله المصنف في مفتاح دار السعادة (١/ ٤٠٧).
(٢) "ك، ط": "ينبع"، والمثبت من "ب".
(٣) "أو" ساقطة من "ك، ط".
(٤) "ب، ك، ط": "لشوقه".
(٥) أنشده يحيى بن معاذ الرازي (٢٥٨ هـ). انظر: طبقات الأولياء: (٢٤٠) وهو من قصيدة في ديوان الحلّاج (٣٠٩ هـ): (١٠٤)، وليست له.