للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى الفوز والفلاح (١). وجماع ذلك أمران: أحدهما: النجاة من كلّ مكروه، والثاني: الظفر بكلّ محبوب. فهذان هما المشوّقان إلى الجنّة.

وقوله في الثانية: "شوق إلى اللَّه زرعه الحبّ". قد تقدّم أنّ الشوق ثمرة الحبّ. وقوله: "الذي نبت (٢) على حافات المنن". أي: أنشأه الفكرُ في منن اللَّه تعالى وأياديه وأنعامه المتواترة. وفيه إشارة إلى أنّ هذا الحبّ الذي هو نابت على الحافات والجوانب بعدَه حُبٌّ أكملُ منه، وهو الحبّ الناشئ من شهود كمال الأسماءِ والصفات. وذلك ليس من نبات الحافات، ولكن من الحبّ الأول يُدخَل إلى هذا (٣)، كما تقدّم، ولهذا قال: "فعلِق (٤) قلبُه بصفاته المقدّسة".

وقوله: "واشتاق إلى معاينة لطائف كرمه وآيات برّه وعلامة فضله". يشير به إلى ما يكرم اللَّه به عبدَه من أنواع كراماته التي يستدلّ بها على أنّه مقبول عند ربّه مُلاحَظٌ بعنايته، وأنّه قد استخدمه وكتَبه في ديوان أوليائه وخواصّه. ولا ريب أنّ العبد متى شاهد تلك العلامات والآيات (٥) قوي قلبُه وفرح بفضل ربّه، وعلم أنه قد أُهِّل، فطاب له السير، ودام اشتياقه، وزاحت (٦) عنه العلل. وما لم يُنعَم عليه بشيء من ذلك لم يزل كئيبًا حزينًا خائفًا أن يكون ممّن لا يصلح لذلك الجناب، ولم يؤهَّل (٧) لتلك المنزلة.


(١) وقعت عدة تحريفات وسقط في هذه الجملة في "ك، ط".
(٢) "ط": "ينبت".
(٣) "ك، ط": "في هذا".
(٤) "ط": "تعلق".
(٥) "ب": "الآيات والعلامات".
(٦) "ك، ط": "زالت".
(٧) "ط": "ولم يصل"، وكذا كان في "ك" ثم غُيّر.