للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حافات المنَن، فعلِقَ (١) قلبُه بصفاته المقدّسة، واشتاق إلى معاينة لطائف كرمه وآيات برّه وعلامة (٢) فضله. وهذا شوق تغشاه (٣) المبارّ، وتخالجه المسارّ، ويقارنه (٤) الاصطبار.

والدرجة الثالثة: نار أضرمها صفوُ المحبّة، فنغّصت العيشَ، وسلبت السلوةَ (٥)، ولم يُنَهنهها مغزًى (٦) دون اللقاءِ" (٧).

قلت: الدرجة الأولى هي شوق إلى فضل اللَّه وثوابه. والثانية شوق إلى لقائه ورؤيته. والثالثة شوق إليه لا لعلّة ولا لسبب، لا يلاحِظُ (٨) فيه غيرَ ذاته. فالأول حظّ المشتاق من إفضاله وإنعامه، والثاني حظّه من لقائه ورؤيته، والثالث قد فنيت فيه الحظوظ، واضمخلّت فيه الأقسام.

وقوله في الدرجة الأولى: "ليأمن الخائف، ويفرح الحزين، ويظفر الآمل". هذه ثلاث فوائد ذكرها في هذا الشوق: أمن الخائف، وفرح الحزين، والظفر بالأمل. فهذه المقاصد لمّا كانت حاصلة بدخول الجنة وكانت متصوّرة للنفس اشتد الشوقُ إليها لحصول هذه المطالب وهي


(١) "ط": "تعلّق".
(٢) في المنازل والمدارج: "أعلام"، وهو أولى.
(٣) في المنازل: "تفثَؤُه".
(٤) في المنازل: "يقاويه". وفي المدارج: "يقاومه".
(٥) "ط": "السلو".
(٦) أي: مطلب، كما فسّرها المؤلف فيما بعد. وفي المنازل "معزٍّ"، وفي المدارج "مَقرّ"، وعليه فسّره المؤلف هناك. وكذا في "ط"، وظنَّ النَّاشر ما هنا خطأ فغيّر.
(٧) منازل السائرين (٧٣ - ٧٤). وانظر: المدارج (٣/ ٢١).
(٨) "ك، ط": "ولا ملاحظ".