للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذمُّها (١) علامةُ موضعِها من القلب، لأن الشيء إنّما يُذمّ على قدر الاهتمام به والاعتناءِ بشفاء (٢) الغيظ منه بالذم.

وكذلك تعظيم الزهد فيها إنَّما هو على قدر خطرها في القلب، إذ لولا خطرها وقدرها لما صار للزهد فيها خطر. وكذلك مدحها دليل على خطرها وموقعها من قلبه، فإنَّ من أحبَّ شيئا أكثر من ذكرِه.

فصاحب (٣) هذه الدرجة لا يضبطها مع وجودها ولا يطلبها مع عدمها، ولا يفيض من قلبه على لسانه مدح لها يدلُّ على محبتها، ولا يفيض من القلب على اللسان ذم يدلُّ على موقعها وخطرها؛ فإنَّ الشيء إذا صغر أعرض القلب عنه ذمًّا أو مدحًا (٤).

وكذلك صاحب هذه الدرجة فانٍ (٥) عن النظرِ إلى تركها، وهو الذي تقدَّم من ذكر خطر الزهد فيها؛ لأنَّ نظرَ العبد إلى كونه تاركًا لها زاهدًا فيها، تتشوف (٦) نفسه بالترك وتتلذَّذ به = دليل على شغله بها، ولو على وجه الترك (٧)؛ وذلك من خطرها وقدرها. ولو صغرت في القلب لصغر تركها والزهد فيها، ولو اهتمَّ القلب بمهمٍّ من المهمات المطلوبة التي هي


(١) "ك، ط": "ومدحها وذمها".
(٢) "ط": "والاعتناء شفاء".
(٣) "ك، ط": "وصاحب".
(٤) "ك، ط": "مدحًا أو ذمًّا".
(٥) "ط": "سالم"، ولعلَّه تغيير من الناشر.
(٦) "ك، ط": "تتشرف".
(٧) "وتتلذَّذ. . الترك": ساقط من "ط".