للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدون الإيمان والإسلام. فإذا كانت الإرادة معلولةً (١) وهي من منازل العوامّ لزم أن تكون المحبة كذلك.

فإن قيل: المحبة التي لا علّة فيها هي (٢) تجرُّد المحبّ عن الإرادة، وفناؤه بإرادة محبوبه عن إرادته (٣) قيل: هذا هو حقيقة الإرادة أن ينفي (٤) مرادَه مرادُ محبوبه، فلو لم يكن مريدًا لمراد محبوبه لم يكن موافقًا له في الإرادة، والمحبّة هي موافقة المحبوب في إرادته، فعاد الأمرُ إلى ما أشرنا إليه أنَّ المعلول من ذلك ما تعلق بحظّ المريد دون حقّ (٥) محبوبه. فإذا صارت إرادتُه موافِقةً لإرادة محبوبه لم تكن تلك الإرادةُ من منازل العوامّ ولا معلولةً، بل هذه أشرفُ منازل الخواصّ وغاية مطالبهم. وليس وراءها إلا التجرّد عن كلِّ إرادة، والفناء بشهوده عن إرادة ما يريد. وهذا هو الذي يشير إليه السالكون إلى منازل الفناءِ ويجعلونه غايةَ الغايات. وهذا عند الكُمَّل (٦) نقص وتغبير (٧) في وجه المحبة، وهضم لجانب العبودية، وفناءٌ بحظّ المحبّ من مشاهدته (٨) جمالَ محبوبه (٩) وفنائه فيه عن حقّ المحبوب ومراده. فهو الوقوف مع


(١) في الأصلِ: "من معلولة"، ولعله سهو. وكذا في "ف".
(٢) "هي" ساقط من "ب".
(٣) "ف": "إراداته" خلاف الأصل.
(٤) "ك، ط": "يبقى"، والأصل غير منقوط.
(٥) "حق" ساقط من "ك، ط".
(٦) "ك، ط": "أهل الكمال".
(٧) "ك، ط": "تغيير"، تصحيف.
(٨) "ب، ك": "مشاهدة".
(٩) "ف": "كمال محبوبه" خلاف الأصل.