للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا بدَّ من التزامها أو ترك المذهب.

وسأل أبو الحسن الأشعري أبا علي الجُبائي عن ثلاثة إخوة لأب وأم مات أحدهم صغيرًا، وبلغ الآخر فاختار الإسلام، وبلغ الآخر فاختارَ الكفر، فاجتمعوا عند ربِّ العالمين، فرفع درجة البالغ المسلم، فقال أخوه الصغير: يا ربِّ، ارفع درجتي حتى أبلغ منزلة أخي، فقال: إنَّك لا تستحق، إنَّ أخاكَ بلغ، فعمل أعمالًا استحق بها تلك الدرجة، فقال: يا ربِّ، فهلَّا أحييتني حتى أبلغ، فأعمل عمله؟ فقال: كانت المصلحة (١) تقتضي اخترامك قبل البلوغ، لأنِّي علمتُ أنَّك لو بلغتَ لاخترتَ الكفر، فكانت المصلحة في قبضك صغيرًا. قال: فصاح الثالث من أطباق النَّار (٢) وقال: يا ربِّ هلَّا فعلتَ معي هذا الأصلح، وقبضتني صغيرًا، كما قبضت أخي صغيرًا؟ (٣) فما جوابُ هذا أيها الشيخ؟ فلم يُحِرْ (٤) إليه جوابًا (٥).

قالوا: وإذا علم اللَّه سبحانه من بعض العبيد أنَّه لا يختار الإسلام وأنَّه لا يكون إلا كافرًا مفسدًا في الأرضِ، فأي مصلحةٍ لهذا العبدِ في إيجاده؟


= رأيتُ القوافى يَتَّلِجْنَ مَوالجًا.
انظر: البيان والتبين (١/ ١٥٨).
(١) "ك، ط": "تلك المصلحة".
(٢) "ك، ط": "بين أطباق النار". "ب": "من بين أطباق النيران".
(٣) "ط": "يا رب لم لم تمتني صغيرًا؟ " مكان "هلَّا فعلت. . . أخي صغيرًا".
(٤) أحار الجوابَ: ردَّه. وفي "ط": "فلم يرد".
(٥) أورد المؤلف هذه الحكاية في مفتاح دار السعادة (٢/ ٤٣٠)، وشفاء العليل (٣٣٢). وذكرها شيخ الإسلام في منهاج السنة (٣/ ١٩٨)، وقال إنَّها مشهورة. وانظر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ٨٨).