للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وأي مصلحة لإبليس وذريته الكفار (١) في إيجادهم؟ فإن قلتم: عرضهم للثواب، قيل لكم: كيف يعرضهم لأمر قد علم (٢) أنَّهم لا يفعلونه وأنَّه (٣) لا يقع منهم البتَّة؟

ومن هنا أنكرَ غُلاتُهم العلم القديم، وكفَّرهمِ السلف على ذلك، ومن أقرَّ به منهم فإقراره به يبطل مذهبَه (٤) وأصله في وجوب مراعاة الصلاح والأصلح. وهذا معنى قول السلف: ناظِروا القدَريَّةَ بالعلم، فإن جحدوه كفروا، وإن أقرُّوا به خُصِمُوا (٥).

قالوا: وأمَّا حديث العوض على الآلام، فالرب تبارك وتعالى قادرٌ على إيصال تلك المنافع بدون توسط الآلام. قالوا: وهذا بخلاف المستأجر، فإنَّ له منفعةً وحاجةً في توسط تعب الأجيرِ واستيفاء منفعته. فأمَّا من يتعالى (٦) عن الانتفاع بخلقه، ولا يحتاج إلى أحدٍ منهم البتة، فلا يعقل في حقِّه ذلك.

قالوا: وأمَّا وقوع الآلام على وجه العقوبات، فذلك إنَّما يحسن في الشاهد لحصول التشفي من الجناة (٧) وإطفاء نار الغيظِ والغضب بالانتقام منهم، وذلك لحاجة المعاقب إلى العقاب وانتفاعه به؛ وقياس


(١) "الكفار" ساقط من "ب".
(٢) "ك، ط": "يعلم".
(٣) "أنَّهُ" ساقط من "ط". وفي "ك": "ولأنه"، خطأ.
(٤) "ك": "مبطل مذهبه"، "ط": "مبطل لمذهبه".
(٥) نسبه ابن أبي العزّ في شرح الطحاوية (٢٤٧) إلى الإمام الشافعي رحمه اللَّه.
(٦) "ط": "تعالى".
(٧) "ف": "في الحياة"، تحريف.