للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران/ ١٦٤].

والمقصود أنّ القلوب في هذه الولادة ثلاثة:

قلبٌ لم يولد ولم يأنِ له، بل هو جنين في بطن الشهوات والغيّ والجهل والضلال.

وقلبٌ قد وُلِد وخرج إلى فضاءِ التوحيد والمعرفة، وتخلّص من مشيمة الطباع وظلمات النفس والهوى، فقرّتْ عينه باللَّه، وقرّتْ عيونٌ به وقلوب، وأنِستْ بقربه الأرواح، وذكّرت رؤيتُه باللَّه؛ فاطمأنّ باللَّه، وسكن إليه، وعكف بهمّته عليه (١)، وسافرت هممه وعزائمه إلى الرفيق الأعلى، لا يقَرّ بشيء غير اللَّه، ولا يسكن إلى شيء سواه، ولا يطمئنّ (٢) بغيره. يجد من كلّ شيء سوى اللَّه عوضًا، (٣) ولا يجد من اللَّه عوضًا أبدًا. فذكرُه حياةُ قلبه، ورضاه نهايةُ (٤) مطلبه، ومحبّتُه قوتُه، ومعرفتُه أنيسُه. عدوُّه مَن جذَب قلبه عن اللَّه "وإن كان القريبَ المصافيا" (٥)، ووليُّه من ردَّه إلى اللَّه، وجَمَع قلبَه عليه، "وإن كان البعيدَ المناويا".


(١) "عليه "ساقط من "ط".
(٢) "ف": "يظهر"، تحريف.
(٣) بعده في "ط": "ومحبته قوته"، وهي جملة مقحمة هنا، وستأتي قريبًا في مكانها.
(٤) "ط": "غاية".
(٥) كأنَّه اقتبسه من قول أبي قيس صرمة الأنصاري:
نعادي الذي عادى من النَّاسِ كلهم ... جميعًا وإن كان الحبيب المصافيا
وقد أنشده في مثل هذا السياق في مدارج السالكين (١/ ٢٣٤)، والبيت في سيرة ابن هشام (١/ ٥١٢).