للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا دعا قلبي هواكَ أجابه ... فلستُ أُراهُ عن جَنابِكَ (١) ينزَحُ (٢)

حُرِمْتُ مُنَايَ (٣) منكَ إن كنتُ كاذبًا ... وإن كنتُ في الدنيا بغيرك أفرحُ

وإنْ كان شيءٌ في الوجود سواكمُ ... يقِرُّ به القلبُ الجريحُ ويفرحُ

وإنْ (٤) لعبتْ أيدي الهوى بمُحِبِّكم ... فليس له عن بابكم مُتزحْزَحُ

فإنْ أدركته غربةٌ عن دياركم ... فحبكم بين الحشا ليس يبرَحُ

وكم مشترٍ في الخلق قد سام قلبَه ... فلم يره إلا لحبِّك يصلُحُ

هوى غيرِكم نارٌ تلظَّى ومحبِسٌ ... وحبُّكم الفردوس أو هو أفسَحُ

فيا ضيمَ قلبٍ قد تعلَّق غيرَكم ... ويارحمتا (٥) ممَّا يجولُ ويكدَحُ

واللَّه عزَّ وجلَّ لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فبقدر ما يدخل القلبَ من همٍّ وإرادةٍ وحبٍّ، يخرج منه همٌّ وإرادةٌ وحبٌّ يقابله، فهو إناءٌ واحد والأشربة متعددة، فأي شراب ملأه لم يبق فيه موضع لغيره، وإنَّما يمتلئ الإناءُ بأعلى الأشربة إذا صادفه خاليًا، فأمَّا إذا صادفه ممتلئًا من غيره لم يساكنه حتَّى يخرج ما فيه، ثمَّ يسكن موضعه،


(١) في حاشية "ن" أنَّ في نسخة: "خباثك"، وكذا في "ط". وفي الطبقات: "فنائك".
(٢) هذه قراءة "ف". وفي "ن": "يبرح" وكذا في الطبقات و"ك، ط". ويحتمل: "يسرح"، وكذا في تاريخ بغداد.
(٣) "ك، ط": "منائي". وفي القطرية: "الأماني". والصوابُ ما أثبتنا.
(٤) في حاشية "ن" أنَّ في نسخة "إذا"، وكذا في "ط".
(٥) "ط": "رحمة".