للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النعم (١) ومُسْدِيها ومُجرِيها على أيديهم. ومع هذا فإنَّهم لا يفعلون ذلك إلا لحظوظهم من العبد، فإنهم إذا أحبوه طلبوا أن ينالوا غرضهم من محبته، سواءٌ أحبوه لجماله الباطن أوالظاهر.

فإذا أحبوا الأنبياء والأولياءَ، وطلبوا (٢) لقاءهم، فهم يحبون التمتع برؤيتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك. وكذلك من أحب إنسانًا لشجاعته أو رياسته أو جماله أو كرمه، فهو يحب أن ينال حظه من تلك المحبة، ولولا التذاذه بها لما أحب ذلك.

وإن جلبوا له منفعةً كخدمةٍ ومالٍ (٣)، أو دفعوا عنه مضرَّةً كمرض وعدوّ -ولو بالدعاء- فهم يطلبون العوض إذا لم يكن العمل للَّه. فأجناد الملوك، وعبِيدُ المالِك (٤)، وأُجَراء المستأجرِ، وأعوانُ الرئيس كلهم إنما يسعون في نيل أغراضهم به، ولا يعرج أكثرُهم على قصد منفعة المخدوم إلا أن يكون قد عُلم وهُذِّبَ من جهة أخرى، فيدخل ذلك في الجهة الدينية، أو يكون فيه طبعُ عدل وإحسان من باب المكافأة والرحمة؛ وإلا فالمقصودُ بالقصد الأول هو منفعة نفسه.

وهذا من حكمة اللَّه التي أقام بها مصالح خلقه، إذ قسَّم بينهم معيشتَهم في الحياة الدنيا، ورفع بعضهم فوق بعض درجات، ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًّا (٥).


(١) "ط": "النعمة".
(٢) "ك، ط": "فطلبوا".
(٣) "كخدمة ومال" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ك": "الممالك". "ط": "المماليك"، تحريف.
(٥) اقتبس من الآية (٣٢) من سورة الزخرف.