للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني، والثاني أخصّ من الأول.

ونظير هذا أيضًا أنّ اللَّه سبحانه قدّر مقاديَر الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم قدّر مقادير هذا الخلق حين خلقه وأوجده (١)، ثم يقدّر كلّ سنة في ليلة القدر ما يكون في ذلك العام.

وهكذا تقدير أمر النطفة وشأنها يقع بعد تعلّقها بالرحم، وبعد كمال تصوير الجنين، وقد تقدّم ذلك (٢) تقديرُ شأنها قبل خلق السموات والأرض، فهو تقدير بعد تقدير.

ونظير هذا أيضًا رفعُ الأعمال وعرضُها على اللَّه، فإنّ عمل العام يُرفَع في شعبان، كما أخبر به الصادق المصدوق أنه شهر ترفع فيه الأعمال، قال: "فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم" (٣). ويُعرض عملُ الأسبوع يوم الاثنين والخميس، كما ثبت ذلك عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤). ويُعْرَض عملُ اليوم في آخره والليلة في آخرها، كما في حديث أبي موسى الذي رواه البخاري (٥) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنَّ اللَّه لا ينامُ ولا ينبغي له أن ينام، يخفض


(١) "ك، ط": "خلقهم وأوجدهم".
(٢) "ط": "تقدم ذكر تقدير"، خطأ.
(٣) أخرجه أحمد (٢١٧٥٣)، والنسائي (٢٣٥٧) واللفظ له، من حديث أسامة بن زيد رضي اللَّه عنهما، وسنده حسن (ز).
(٤) أخرجه أحمد (٢١٧٥٣، ٢١٧٨١)، وأبو داود (٢٤٣٦)، والنسائي في الكبرى (٢٧٨١، ٢٧٨٢) من حديث أسامة بن زيد، وسنده لا بأس به. وله طريق آخر عن أسامة عند ابن خزيمة (٢١١٩) (ز).
(٥) وكذا في روضة المحبين (٥٦٥). وفي تهذيب السنن (١٣/ ٢٤) عزاه إلى الصحيحين، وهو سهو. فإنما أخرجه مسلم في كتاب الإيمان (١٧٩).