للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها فماتَ من يومه دخل الجنَّة، ومن قالها إذا أمسى موقنا بها فمات من ليلته دخل الجنَّة".

فقوله: "أبوءُ لك بنعمتك عليَّ" يتضمن الإقرار والإنابة إلى اللَّه بعبوديته، فإنَّ المباءة هي التي يبوء إليها الشخص، أي يرجع إليها رجوع استقرار، والمباءَة هي المستقر. ومنه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كذبَ عليَّ متعمِّدًا فلْيتبوَّأ مقعدَه من النَّار" (١) أي لِيتَّخِذْ مقعدَه من النَّار مباءَةً يلزمه ويستقر فيه، لا كالمنزل الذي ينزله ثم يرحل عنه.

فالعبدُ يبوءُ إلى اللَّه عزَّ وجلَّ بنعمته عليه، ويبوءُ بذنبه، فيرجع (٢) إليه بالاعتراف بهذا وبهذا، رجوعَ مطمئن إلى ربَّه منيبٍ إليه، ليس رجوعَ من أقبل عليه ثم أعرض عنه، بل رجوعَ من لا يُعرض عن ربه، بل لا يزال مقبلًا عليه، إذ (٣) كان لا بد له منه (٤). فهو معبوده، وهو مستعانه (٥)، لا صلاح له إلا بعبادته، فإن لم يكن معبودَه هلك وفسد، ولا يمكن أن يعبده إلا بإعانته. وفي الحديث: "مثل المؤمن مثل الفرس في آخيّته (٦): يجولُ ثمَّ يرجع إلى آخيته. كذلك المؤمن يجولُ ثمَّ يرجع


(١) أخرجه البخاري في العلم (١١٠) وغيره، ومسلم في المقدمة (٣) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) "ن": "فرجع". "ك، ط": "ويرجع".
(٣) "ط": "إذا"، خطأ.
(٤) "ليس رجوع من أقبل. . . " إلى هنا ساقط من "ن".
(٥) "ك، ط": "مستغاثه"، تصحيف.
(٦) الآخيَّة بالمد والتشديد، ويجوز بالتخفيف: العروة تشد بها الدابة مثنية في الأرضِ. قاله أبو عبيد. اللسان (أخا).