للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، وأهل النَّارِ من امتلأت مسامعه من ذمِّ النَّاس له".

وقال عمر بن الخطاب في عبد اللَّه بن مسعود: "كُنَيفٌ مُلئ عِلمًا" (١). ويقال: فلان علمه قد ملأ الدنيا، وكان يقال: "ملأ ابنُ أبي الدنيا الدنيا علمًا" (٢). ويقال: صيتُ فلانٍ قد ملأ الدنيا فطبق (٣) الآفاقَ، وحبُّه قد ملأ القلوب، وبغضُ فلانٍ قد ملأ القلوب، وامتلأ قلبُه رعبًا.

وهذا أكثر من أن تستوعب شواهدُه، وهو حقيقة في بابه. وجعلُ الملء والامتلاء حقيقةً للأجسام خاصَّة تحكمٌ باطلٌ ودعوى لا دليل عليها البتة. والأصلُ الحقيقة الواحدة، والاشتراك المعنوي هو الغالب على اللغة والأفهام والاستعمال، فالمصير إليه أولى من المجاز والاشتراك اللفظي (٤).

وليس هذا موضع تقرير هذه المسألة (٥)، إذ (٦) المقصود أنَّ الرب تعالى أسماؤه كلها حسنى ليس فيها اسم سوء، وأوصافه كلها كمال ليس فيها صفة نقص، وأفعاله كلها حكمة ليس فيها فعل خالٍ عن الحكمة والمصلحة، وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٢/ ٢٩٧)، وسنده صحيح. (ز)، والكُنَيف تصغير تعظيم للكِنْف، وهو الوعاء الَّذي يضع فيه الراعي أداته ومتاعه. انظر: اللسان (كنف).
(٢) "ن": "ابن أبي الدنيا ملأ الدنيا علمًا".
(٣) "ك، ط": "وضيق"، تحريف.
(٤) "اللفظي": ساقط من "ط".
(٥) "ك، ط": "تقرير المسألة".
(٦) "ك، ط": "والمقصود".