للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإنَّ حقيقة المُلْك إنَّما تتم (١) بالعطاء والمنع، والإكرام والإهانة، والإثابة والعقوبة، والغضب والرضا، والتولية والعزل، وإعزاز من يليق به العز (٢) وإذلال من يليق به الذل. قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران/ ٢٦، ٢٧].

وقال تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)} [الرحمن/ ٢٩]، يغفر ذنبًا، ويفرِّج كَرْبًا، ويكشف غمًّا، وينصر مظلومًا، ويأخذ ظالمًا، ويفُكّ عانيًا، ويُغني فقيرًا، ويجبُر كسيرًا، ويشفي مريضًا، ويُقيل عَثرةً، ويستر عورةً، ويُعزّ ذليلًا، ويُذلّ عزيزًا، ويعطي سائلًا، ويذهب بدولة، ويأتي بأخرى، ويداول الأيّامَ بين الناس، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين. يسوق (٣) المقادير التي قدّرها قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام إلى مواقيتها، فلا يتقدّم شيء منها عن وقته (٤) ولا يتأخّر، بل كلّ منها قد أحصاه كتابه (٥)، وجرى به قلمُه، ونفذ فيه حكمُه، وسبق به علمُه. فهو المتصرّف في الممالك كلّها وحده تصرُّفَ ملكٍ قادر قاهر عادل رحيم تامّ الملك، لا ينازعه في ملكه منازع، ولا يعارضه فيه معارض. فتصرّفُه في المملكة دائرٌ بين العدل والإحسان


(١) الأصل غير منقوط، وفي غيره: "يتم"، وهو جائز، ولكن رجحت قراءة "ط".
(٢) "ب": "تليق به العزة".
(٣) "ن": "فيسوق".
(٤) "ب": "على وقته".
(٥) "ب، ك، ط": "قد أحصاه كما أحصاه كتابه".