وأخبر عن حمدِ خلقِه له بعد فصلِه بينهم، والحكم لأهل طاعته بثوابه وكرامته، والحكم لأهل معصيته بعقابه وإهانته: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)} [الزمر/ ٧٥].
وأخبر عن حمد أهل الجنَّة له وأنَّهم لم يدخلوها إلا بحمده، كما أنَّ أهل النَّارِ لم يدخلوها إلا بحمده، فقال أهل الجنَّة:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا}[الأعراف/ ٤٣] و {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس/ ١٠].
وقال تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١١)} [الملك/ ١١].
وشهدوا على أنفسهم بالكفر والظلم، وعلموا أنَّهم كانوا كاذبين في الدنيا، مكذبين بآيات ربهم، مشركين به، جاحدين لإلهيته، مفترين عليه. وهذا اعتراف منهم بعدله فيهم، وأخذهم ببعض حقه عليهم، وأنَّه غيرُ ظالمٍ لهم، وأنَّهم إنَّما دخلوا النَّارَ بعدله وحمده، وإنَّما عوقبوا بأفعالهم وبما كانوا قادرين على فعله وتركه، لا كما يقول الجبرية.