للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإحسانه، ودفعِ المحن والبلايا بعد انعقاد أسبابها، وصرفِها بعد وقوعها، ولطفِه تعالى في ذلك بإيصاله (١) إلى من أراده بأحسن الألطاف، وتبليغه من ذلك إلى ما لا تبلغه الآمال، وهدايته خاصَّته وعبادَه (٢) إلى سُبُل السلام (٣)، ومدافعته عنهم أحسن الدفاع، وحمايتهم عن مراتع الآثام.

وحبَّبَ إليهم الإيمان، وزيَّنه في قلوبهم، وكرَّه إليهم الكفرَ والفسوق والعصيان، وجعلهم من الرَّاشدين. وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه، وسمَّاهم المسلمين قبل أن يخلقهم، وذكرهم قبل أن يذكروه، وأعطاهم قبل أن يسألوه، وتحبَّب إليهم بنعمه، مع غناه عنهم (٤)، وتبغُّضهم إليه بالمعاصي، وفقرهم إليه.

ومع هذا كله فاتخذَ لهم دارًا، وأعدَّ لهم فيها من كلِّ ما تشتهيه الأنفس وتلذُّه الأعين (٥)، وملأها من جميع الخيرات، وأودعها من النعيم والحَبْرَة والسرور والبهجة ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر.

ثمَّ أرسلَ إليهم الرسل يدعونهم إليها، ثمَّ يسَّرَ لهم الأسباب التي توصلهم إليها وأعانهم عليها، ورضيَ منهم باليسير في هذه المدَّة القصيرة جدًا بالإضافة إلى بقاء دار النعيم، وضَمِنَ لهم إن أحسنوا أن


(١) "ب، ك": "باتصاله".
(٢) "ب": "خاصة عباده".
(٣) "ك، ط": "سبيل دار السلام".
(٤) "عنهم" ساقط من "ط".
(٥) "ب، ط": "تلذ الأعين".