للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهيّة مُثابة مُعاقبة، وإنّ (١) في كلّ أمّة منها رسول ونبيّ (٢) منها، وهذه الآلام والعقوبات الدنياوية جزاءٌ على مخالفتها لرسولها ونبيّها = فلم يجدوا بدًّا من التزام ما ذهبوا إليه من إنكار وقوع الآلام بها ووصولها إليها.

وقد ردَّ عليهم الناس بأنّهم كابروا الحسَّ، وجحدوا الضرورة، وأنّ العلم بخلاف ما ذهبوا إليه ضروريّ. وقال من أنصف القوم: لا سبيل إلى نسبة هؤلاءِ إلى جحد الضرورة مع كثرتهم، ولكنّهم ربمّا رأوا أن الطفل والبهيمة لا تدرك الآلام حسبما يدركها العقلاءُ. فإنّ العاقل إذا أدرك تألُمَ جوارحِه وأحسَّ به تألّمَ قلبُه، وطال حزنه، وكثر همُّ روحه وغمُّها، واشتدت فكرتُه في ذلك وفي الأسباب الجالبة له والأسباب الدافعة له؛ وهذه الآلام زائدة على مجرّد ألم (٣) الطبيعة، ولا ريب أنّ البهائم والأطفال لا تحصل لها تلك الآلام كما تحصل (٤) للعاقل الممّيز. فإن أراد القوم هذا فهم مصيبون، وإن أرادوا أنّه (٥) لا شعور لها بالآلام (٦) البتة وأنَّها لا تحس بها فمكابرة ظاهرة، فإنَّ الواحد منَّا يعلم باضطرار أنَّه كان يتألَّم في طفوليته (٧) بمسِّ النار له، وبالضرب، وغير ذلك.


(١) "ط": "أنَّه".
(٢) كذا بالرفع في الأصل على حذف اسم إنّ. وكذا في "ف، ك، ط". وفي "ب": "رسولًا ونبيًّا".
(٣) "ألم" ساقط من "ب".
(٤) "ط": "يحصل"، وكذا في "ب، ك" هنا وقبل.
(٥) "ط": "أنها".
(٦) "ب": "أنَّه لا يتصور لها الآلام"، تحريف.
(٧) "ب": "كان سالمًا في طفوليته من النار بمس"، تحريف.